عرفت الندوة التي اعتمدت مقاربة تشاركية، ساهم فيها متدخلون عن المؤسسة التشريعية والإدارة الترابية وعن المؤسسات المنتخبة وجمعيات المجتمع المدني الناشطة في مجال الديموقراطية التشاركية بالإضافة إلى فعاليات أكاديمية مهتمة بالسياسات العمومية الموجهة إلى الشباب والنساء، جلستين تمحورت الأولى حول موضوع المجالس الترابية والادماج الاجتماعي للنساء والشباب بين النص القانوني وتحديات التنزيل، فيما خصصت الجلسة الثانية لعرض مشاريع وتدابير ومبادرات تهم الإدماج الاجتماعي للنساء والشباب على المستوى الترابي.
افتتحت أشغال الندوة بعرض تأطيري للأستاذة عزيزة البقالي القاسمي، رئيسة المنتدىالتي أكدت أن هذه الندوة الافتتاحية لمشروع "تعزيز" تأتي من أجل تسليط الضوء على واقع الجماعات الترابية لرصد مدى اهتمامها بالتنمية الموجهة لفئتي الشباب والنساء في برامجها خصوصا بعد مرور أزيد من عشر سنوات على التعديل الدستوري وخمس سنوات على تنزيل القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية، والتي تؤكد في وثائقها على أهمية الشباب والنساء في تحقيق التنمية المستدامة على غرار ما تم تحقيقه في التجارب الدولية المقارنة.
وفي هذا الإطار أكدت الأستاذة زكية المريني، البرلمانية والرئيسة السابقة للجنة الداخلية والجماعات الترابية والسكنى وسياسة المدينة بالبرلمان، على أن تحديث الترسانة القانونية المغربية مهم جدا لتحقيق التنمية ببلادنا إلا أنه غير كاف إذا لم يرافقه تنزيل على أرض الواقع ، وكذا بإشراك الفئات المعنية بالتنمية ومن أهمها النساء والشباب.
وفي نفس السياق أشار الأستاذ الجامعي نبيل الكط أن القوانين المغربية تمتاز بالجودة إلا أنها تعرف إشكالات على مستوى التنزيل، مؤكدا على ضرورة استيعاب الديموقراطية للجميع وخاصة الشباب والنساء، وضرورة بناء جسر من الثقة بين الفاعل العمومي المحلي وهاتين الفئتين.
من جهتها أكدت الأستاذة لبنى الكحلي، البرلمانية والباحثة في مالية الجماعات الترابية، أن الأزمة الصحية أبانت عن أهمية إشراك الشباب والنساء في برامج التنمية المحلية، مؤكدة على ضرورة إقرار الديموقراطية التشاركية ومبدأ اللامركزية الجهوية الموسعة لتحقيق هذه التنمية، مع ضرورة التخلص من منطق الوصاية الإدارية حتى تقوم الجماعات الترابية بتنزيل المخططات والبرامج الموكولة لها دستوريا وقانونيا دون رقابة فوقية، وأيضا إقرار الترافع الاجتماعي في جميع المخططات الترابية وتحويل الهيئات المكلفة بمقاربة النوع من هيئات صورية إلى هيئات فاعلة.
وعلاقة بالموضوع، أشار الأستاذ عبد المالك أصريح، الفاعل في المجتمع المدني والباحث في السياسات العمومية الموجهة للأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، أن الجماعات الترابية تواجه تحديات مهمة في مجال تحقيق التنمية ترتبط أساسا بكون ادماج النوع في برامج التنمية على مستوى الجماعات الترابية يقتضي إعمال نظرة شمولية، مع ضرورة الانفتاح على المجتمع المدني باعتباره شريك مهم في تحقيق هذه التنمية.
فيما أشار الأستاذ مصطفى رفعات، عضو هيئة المناصفة وتكافؤ الفرص والنوع الاجتماعي بمجلس جهة الرباط سلا القنيطرة، أن الفاعل في المجال العمومي المحلي لم يستوعب بعد الدور الحقيقي لهذه المؤسسة في تحقيق التنمية المحلية بالرغم من دورها الاستشاري، ويرجع ذلك إلى عدم وضوح المقتضيات القانونية المنظمة لهاته الهيئة رغم أهميتها في تفعيل الآليات المتعلقة بالديموقراطية التشاركية.
خلال الجلسة الثانية أكد الأستاذ عبد الرحمان قنديلة، ممثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، خلال كلمته إلى ضرورة وضع ميثاق للجماعات الترابية يأخذ بعين الاعتبار دور الشباب والنساء في تحقيق التنمية وإشراكهم في تحقيق التنمية.
وحول نفس الموضوع أكدت الأستاذة فاطمة البويسفي، المستشارة الجماعية، إلى أن دستور المملكة والقوانين التنظيمية يزخران باختصاصات موسعة ومهمة تجعل الجماعات الترابية في صلب الفعل العمومي في المجال الاجتماعي، وخاصة فيما يتعلق بتفعيل مساهمة الشباب والنساء في تحقيق التنمية المحلية، وفي هذا الإطارفقد عمل مجلس عمالة الرباط على إحداث آليات التشاور المتعلقة بتفعيل آليات الديموقراطية التشاركية.
ومن أجل التعريف بمشروع "تعزيز"، قامت الأستاذة كوثر الشريع، مديرة المشروع بعرض أهدافه إجمالا والتي لخصتها في ثلاث مستويات رئيسية، تتمثل أساسا في مستوى الاشتغال مع المواطنين بغية تأهيلهم للمساهمة الفاعلة في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية، وكذا في مستوى الاشتغال مع المجتمع المدني من أجل تأهيله للمساهمة في تحقيق التنمية المحلية بالتركيز أساسا على تقوية التشبيك بين جمعيات المجتمع المدني للتعاون فيما بينها وتبادل التجارب من أجل تحقيق التنمية المستدامة ببلادنا، فيما يتمثل المستوى الثالث في مواكبة الجماعات الترابية من أجل تبني وتملك فكرة الادماج الاجتماعي للنساء والشباب على المستوى الترابي في سبيل تحقيق التنمية المتوخاة من قبل جميع أفراد المجتمع.
من جهته قام الأستاذ عز العرب الحليمي، النائب البرلماني ورئيس مقاطعة العيايدة، بعرض تجربة المجلس في مجال إدماج الشباب والنساء في تحقيق التنمية المحلية، مشيرا إلى أنه رغم اصطدام مشاريع التنمية المرتبطة بالشباب دائما بانعدام التمويل إلا أن المجلس استطاع إشراك هذه الفئة في تحقيق التنمية المحلية من خلال مساعدتهم والتفكير معهم في خلق وظائف مدرة للدخل.
وفي نفس الإطار أشار الأستاذ الجامعي أحمد الدحماني، إلى ضرورة إدخال تعديلات جوهرية على القوانين المؤطرة للجماعات الترابية بما ييسر الادماج الاجتماعي للشباب والنساء على المستوى الترابي حتى يتمكنوا من إعمال الديمقراطية للمساهمة إلى جانب الجماعات الترابية في تحقيق التنمية المنشودة ببلادنا.
فيما أشارالأستاذ عصام أوشن، مدير الجمعية المغربية للتضامن والتنمية، إلى أن الاندماج الاجتماعي ينبني أساسا على التمكين الاقتصادي للنساء والشباب باعتباره المدخل الرئيسي لتحقيق التنمية، وهو الهدف الرئيسي الذي من أجله أحدثت الجمعية التي يرأسها والتي قامت بمجموعة من المشاريع تهم أساسا تنزيل هذا الهدف بشراكة مع مجموعة من الجماعات الترابية، مشيرا إلى ضرورة انخراط واضعي السياسات العمومية في هذا الإطار.
وفي نفس الاتجاه أشارت الأستاذة حنان أزريح، رئيسة جمعية شباب لأجل الشباب AJJ، أن الجمعية قامت بدراسات ميدانية مع فاعلين سياسيين وميدانيين أسفرت عن نتائج مهمة تهم أساسا ضرورة تقوية وتوطيد الثقة بين المنتخبين والمواطنين من خلال تكريس مبادئ الحكامة الجيدة، بالإضافة إلى ضرورة تقوية قدرات الشباب والنساء في مجال اكتساب مهارات الترافع في إعداد وتتبع وتقييم السياسات العمومية.
وفي نفس الإطار أشار الشاب عبد الله الحمادي، عضو المجلس المحلي للشباب بالقنيطرة، وخريج برنامج المراقبين المحليين الذي أشرف عليه المنتدى ضمن مشروع "إشراك" إلى تجربة المجلس كهيئة استشارية، باعتباره قوة اقتراحية واستشارية وفضاء للمشاركة الفاعلة في إعداد مشاريع اجتماعية وثقافية وتربوية تهم أساسا الشباب والنساء.
فيما أشارت الشابة زينات أقصوب، رئيسة جمعية "أنا إنسان"، وخريجة برنامج شابات مناصرات لقضايا المرأة المندرج ضمن مشروع "إشراك" أيضا إلى الدور الذي تقوم به الجمعية في سبيل تعزيز الادماج الاجتماعي للشباب والنساء وحثهم على تحقيق التنمية، من خلال مجموعة من الأنشطة همت بالأساس تقديم مساعدات مادية ومعنوية ونفسية للشباب في فترة الحجر الصحي، بالإضافة إلى إقدام الجمعية على تأطير المواطنين من أجل مساعدتهم على تقديم عريضة تهم أطفال الشوارع.