مساهمة منها في مقاربة "ظاهرة العنف في الوسط المدرسي"، التي أضحت حديث الساعة بسبب أعمال العنف المتكررة داخل المؤسسات التعليمية وفي محيطها. نظمت جمعية الوفاق للوساطة الأسرية بمدينة بنسليمان يوما دراسيا تحت عنوان "العنف المدرسي: الأسباب والمآلات وسؤال الحل"، وذلك يومه السبت 6 يناير 2018. ولأن حجم الظاهرة يستدعي مقاربة شمولية، فقد تم استدعاء مجموعة من الخبراء والمختصين لتشخيص وضعية المدرسة المغربية وتحليل الظاهرة وتقديم الحلول المناسبة لمحاصرتها والحد من انتشارها.
فقد قارب الدكتور الحسين الموس الظاهرة من زاوية القيم الإسلامية، مبرزا أن غياب القيم الأسرية مثل الإشباع العاطفي والتربية على احترام الغير والحياء والتسامح والعفو ...من أسباب انتشار الظاهرة، وأنه لا سبيل لتجاوز هذا الوضع إلا باستعادة هذه القيم، علاوة على ضرورة تشبع الأطر الإدارية والتربوية بقيم الحب والعدل والتغافل وكظم الغيظ والصبر واستيعاب الطاقات الهدامة وتغيير بوصلتها.
المقاربة النفسية للظاهرة قدمها الدكتور فيصل طهاري، الذي تناول البنية النفسية للإنسان والتي تتكون من الوسط والمحيط الذي يعيش فيه التلميذ والبنية النفسية الخاصة به التي تؤثر في السلوك الانساني، كما أكد أن المقاربة الزجرية ليست طريقا للعلاج، وأن إنتاج العنف لدى التلميذ يرجع إلى ثلاثة أسباب وهي: الحرمان، الشعور بمركب النقص، الإحباط.
من جهته حاول الدكتور خالد عتيق تناول الظاهرة من الزاوية السوسيولوجية، مبرزا أن سلوك العنف هو إشارة إلى غياب مفهوم المواطنة والهوية وأن المدرسة تعيد إنتاج ظواهر سلبية من خلال تكريس المنظومة التعليمية للامساواة وغياب العدل في التعامل مع التلميذ، عدم مراعاة التنوع الثقافي والاجتماعي، وارتفاع عدد ساعات التعليم بالمقابل غياب الأنشطة الموازية مؤشر لارتفاع العنف وانخفاض القيم. كما تناول الأستاذ الباحث طه متوكل العنف المدرسي ومسؤولية المنظومة التربوية، إذ أبرز الإشكالات التي تعاني منها المنظومة التربوية من قبيل: ارتفاع ساعات العمل لدى الأستاذ، غياب تدريس مادة التواصل والحوار، إضعاف معامل السلوك،... كل هذا و غيره لا يمكن إلا أن يِؤدي إلا إلى ضعف مردودية التلميذ والأستاذ وضمور المحتوى التربوي.
وفي مداخلته باسم جمعية أولياء التلاميذ، أشار الأستاذ عبد الكريم فاضل إلى اقتصار دور هذه الجمعيات في توفير الحاجيات اللوجيستيكية للمؤسسة، بدل الانخراط في أنشطة تحسيسية لمواجهة العنف المدرسي، كما تم عرض تجربة لمجموعة من أساتذة ثانوية الشريف الادريسي من طرف الأستاذ عمرو الدراوي التي تأسست بعد أحداث العنف التي شهدتها المؤسسات التعليمية بالمغرب، كما تخلل فعاليات هذا اليوم تدخلات مجموعة من الأساتذة والتلاميذ الحاضرين، واختتم بتسجيل مجموعة من التوصيات التي سيتم رفعها إلى الجهات المعنية.