تأتي مساهمة منتدى الزهراء للمرأة المغربية في ورش ملائمة ومراجعة القانون الجنائي في سياق سلسلة من الجهود الاقتراحية التي يبذلها المنتدى من أجل العمل على تحديث المنظومة القانونية لبلادنا، بما يتلاءم مع دستور2011 وخاصة منه ما تعلق بحماية الحق في الحياة وحقوق المرأة والأسرة والنهوض بها ولاسيما الفصل 19 والذي نص على ما يلي: "يتمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في هذا الباب من الدستور، وفي مقتضياته الأخرى، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها"،
وكذا الالتزامات التي رتبها الدستور على الدولة في الفصل 20 الذي أكد أن "الحق في الحياة هو أول الحقوق لكل إنسان. ويحمي القانون هذا الحق".
وفي الفصل 32 حينما نص على الآتي: "تعمل الدولة على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بمقتضى القانون، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها".
وفي هذا الصدد فقد كان المنتدى حريصا على المواكبة والمشاركة الفاعلة في جميع محطات الحوار الوطني حول إصلاح منظومة العدالة، كما أشرف على تنظيم أيام دراسية وطنية وجهوية حول مراجعة القانون الجنائي في إطار مشروع منتدى الزهراء "من أجل عدالة جنائية تحقق الكرامة وتحمي المرأة والأسرة".
إن المذكرة الاقتراحية التي نتقدم بها اليوم للمجلس الوطني لحقوق الإنسان في إطار مساهمتنا في الاستشارة الموسعة التي أطلقتها المبادرة الملكية وتكلف بإدارتها كل من وزير العدل والحريات ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية والمجلس الوطني لحقوق الإنسان من أجل إعداد مقترح في الموضوع يتأطر بتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وينهل من فضائل الاجتهاد كل ذلك بتنسيق وتعاون مع المجلس العلمي الأعلى، تنطلق من رصيد التجربة التي أرساها منتدى الزهراء في مجال الاشتغال عن قرب على قضايا المرأة والأسرة عبر إحداث مراكز الإرشاد الأسري، في مختلف ربوع المملكة، باعتماد مقاربة حقوقية تربوية واجتماعية مندمجة أصيلة تنطلق من ديننا الحنيف وتنهل من المرجعيات الحقوقية الدولية التي لا تتعارض مع هويتنا وقيمنا.
إن الحالات الواردة على المراكز التابعة لشبكة المنتدى تفيد أن العديد من الظواهر الاجتماعية السلبية التي يتخبط فيها المجتمع المغربي ومنها ظاهرة الحمل خارج إطار الزواج سواء الناتج عن علاقات غير شرعية أو اغتصاب، ترتبط بالأساس بضمور الثقافة الأسرية الأصيلة، وغياب التأطير والتوجيه للسلوك الجنسي الراشد والمسؤول للشباب، وظهور العديد من السلوكيات المنحرفة التي باتت تعرف تناميا متزايدا نتيجة انتشار التعاطي للخمور والإدمان على المخدرات والولوج المفتوح للإعلام الإباحي.
لذا فإننا إذ ننخرط في دينامية النقاش العمومي المسؤول حول الموضوع، ونقدر أهمية التماس حلول قانونية وواقعية لبعض الحالات الاستثنائية التي يشكلها الحمل الناتج عن الاغتصاب أو زنا المحارم فإننا نعتقد أن الإشكالية الأكبر، تظل هي ظاهرة الحمل خارج مؤسسة الزواج في إطار العلاقات الجنسية المحرمة التي تشكل غالبية الحالات الواردة على مراكز الجمعيات النسائية التابعة لشبكة منتدى الزهراء والتي تضم إلى الآن 106 جمعية.
وعليه فإن مقاربة الموضوع في نظرنا تحتاج إلى تعبئة مجتمعية واسعة واعتماد مقاربة شمولية بعيدا عن أية حلول تجزيئية وأنانية تتوجه للحلقة الأضعف وهي الجنين بإعدام حياته البريئة وتحميله مسؤولية السلوكات الجنسية اللامسؤولة للراشدين.