استهلت الجلسة الافتتاحية للملتقى بكلمة للأستاذة نعيمة الفتحاوي عن جمعية بلسم للمرأة والأسرة بأكادير ذكرت فيها بمناسبة وظروف الملتقى مؤكدة على ضرورة إعادة النظر في مقتضيات مدونة الأسرة قصد تجودها معتبرة أن الصلح في حاجة إلى الوساطة الأسرية ومنوهة بما قدمته وزارة العدل والحريات لإصلاح هذه المنظومة. من جهتها تقدمت الأستاذة زكية البقالي نائبة رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية بالسياق الذي جاء فيه المشروع حيث اعتبرته نابع من هموم وانشغالات جمعيات شبكة الزهراء، ويهدف إلى رصد الإشكالات التي تعيق تنزيل مدونة الأسرة، كما ركزت على ضرورة اعتماد مقاربة الصلح والعمل على إنجاحها وذلك من خلال المقترحات والتوصيات التي سيخرج بها الملتقى. فيما أشارت الأستاذة سعدية الزيامي رئيسة جمعية الإرشاد النسائي بإنزكان إلى أن الجمعية حضيت بشرف تنظيم هذا الملتقى بمدينة أكادير. بدوره أكد الأستاذ بوشعيب البوسني رئيس قسم قضاء الأسرة بأكادير وممثل وزارة العدل والحريات بالملتقى على أهمية الصلح والمجهودات التي تقوم بها المحكمة في سبيل إنجاح هذه المقاربة.
وقد عرفت الفترة الصباحية من الملتقى جلسة حول "قراءة في مدونة الأسرة عشر سنوات من التطبيق" استهلها الدكتور حسن القصاب بعرض حول "مدونة الأسرة وإشكالات النص والتطبيق" تطرق من خلاله إلى صيرورة تكون مدونة الأحوال الشخصية عبر تاريخ المغرب، وكيفية معالجتها من خلال اللجوء إلى القوانين الداخلية وكذا القوانين الكونية التي فرضت على القوانين والاتفاقات الدولية. كما نبه الدكتور إلى أهمية فهم فلسفة الشقاق والاتفاقيات وتجنب التنزيل السريع لمسطرة الطلاق لأن الشقاق ينبني على أساس الصلح. وفي آخر عرضه أشار المؤطر إلى ضرورة إعادة النظر في إجراءات الخبرة التي تعد وسيلة من وسائل التحقيق ولا تلزم القاضي.
من جهته تطرق الأستاذ محمد المدني السافري من خلال عرضه حول "مسطرة الصلح في العمل القضائي المغربي" إلى الإجراءات والآليات المتبعة من طرف المحكمة لتطبيق هذه المسطرة وكذا الإكراهات والعراقيل التي تواجه تطبيقها داخل المحاكم المغربية.
واختتمت الجلسة الأولى بعرض للأستاذة سهام بومحاش الكاتبة العامة لجمعية الإرشاد النسائي عرضت فيه تجربة هذه الجمعية في مجال الاستماع عن طريق مركز مودة للاستماع والإرشاد الأسري التابع للجمعية ذاتها منذ تأسيسه وكذا أهدافه، رؤيته، رسالته، منهجية عمله، انجازاته ثم الاكراهات التي يواجهها خلال أداء وظيفته.
فيما عرفت الفترة المسائية جلسة حول "الوساطة والإصلاح الأسري أية مقاربة في أفق المأسسة؟" استهلها الأستاذ محمد الشرحبيلي على ضوء عرضه " الإصلاح الأسري مقاربة مدنية " الذي عدد من خلاله الملفات التي تعرض عليهم في خلية الإصلاح التابعة للمجلس العلمي والتي تصل إلى عشر ملفات أسبوعيا، ما يشكل تحديا كبيرا للخلية. ونبه إلى اقتران عملية الإصلاح الأسري بعملية إصلاح النفوس خاصة، وأن الإنسان لا يحقق إنسانيته إلا باجتماعه بغيره. كما أشار الأستاذ أنه من أجل تفادي كل هذه المشاكل وجب اعتماد المقاربة الوقائية عن طريق التأهيل قبل الزواج، وذكر على سبيل المثال التجربة الإماراتية في التوجيه والإرشاد الأسري التي كانت رائدة في هذا المجال.
بعده كان الحديث عن "الوساطة والإصلاح الأسري في التجارب المقارنة " مع الأستاذ البشير عدي حيث تطرق إلى ثلاثة محاور منها أسباب انحصار الإصلاح في فض النزاعات الزوجية والأسرية، مسطرة الإصلاح في الفقه الإسلامي، الوساطة في التشريعات العربية.
من جهتها طرحت الأستاذة زكية البقالي في عرضها حول "اختيارات وتوجهات في أفق مأسسة الصلح" مجموعة من الاختيارات والمقترحات في أفق مأسسة الصلح العام من قبيل العمل على إحداث هيئة للصلح والوساطة الأسرية من داخل المحكمة أو خارجها، هذا إلى جانب الدعوة إلى إخراج قانون منظم للوساطة الأسرية وتعميم دليل في أفق تطوير هذه التجربة.
وتتويجا لما جاء خلال هذا الملتقى تم فتح باب المناقشة للفعاليات الحاضرة التي أبدت رأيها في الموضوع وأوصت بمجموعة من الحلول والتوصيات في هذا الصدد لأخذها بعين الاعتبار أثناء الملتقى الختامي الذي ستكون نتيجته مذكرة محكمة حول مدونة الأسرة و آلية الصلح.