في إطار مشروع "إنجاح مقاربة الصلح رهان أساسي لتنزيل مدونة الأسرة"، نظم منتدى الزهراء للمرأة المغربية يوم الأحد 23 مارس الجاري بشراكة مع جمعية البتول لرعاية الفتاة والأسرة وبتعاون مع المجلس العلمي المحلي بمدينة مكناس، الملتقى التكويني التشاوري الثاني "عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة". ويعتبر هذا الملتقى الثاني من نوعه بعد الملتقى الأول الذي نظم بمدينة العرائش، ويهدف إلى رصد الإشكالات المرتبطة بقانون مدونة الأسرة ومواكبة تطبيقها في مجال تفعيل مسطرة الصلح.
وقد أكدت السيدة عزيزة البقالي رئيسة منتدى الزهراء للمرأة المغربية خلال الجلسة الافتتاحية، على أن هذا اللقاء يشكل مناسبة للخبراء والفاعلين الجمعويين في مجال الأسرة، للتفكير في طرح الإشكالات المتعلقة بتطبيق مقتضيات مدونة الأسرة، وذلك لإعداد مقترحات وتوصيات من أجل وضع مذكرة في أفق مراجعة هذه المدونة لتطبيقها بشكل سليم والعمل على مأسسة الإصلاح الأسري.
وشددت على أنه بعد مرور عشر سنوات من تطبيق مدونة الأسرة، وبعد مواكبة يومية لمراكز الاستماع والإرشاد الأسري، بات ضروريا إعادة النظر في مقتضيات هذه المدونة، التي تعد إنجازا كبيرا للمغرب، وذلك من أجل تحصينها من جميع الإشكالات التي ظهرت أثناء التطبيق خصوصا وأن المغرب يعيش في مرحلة إصلاح كبرى تتمثل في الميثاق الوطني لإصلاح منظومة العدالة، مشيرة إلى أن موضوع الصلح الأسري في حاجة اليوم إلى مقاربة جديدة تقوم على مأسسة الوساطة الأسرية التي من شأنها أن تجنب الكثير من المشاكل الأسرية.
من جهتها، صرحت السيدة ربيعة بيه رئيسة جمعية البتول لرعاية الفتاة والأسرة، أن الهدف من هذا الملتقى التشاوري يتمثل في الوقوف عند الإشكالات المرتبطة بقانون مدونة الأسرة، والعمل على تقوية قدرات العاملين بمراكز الاستماع والإرشاد الأسري في مجال مقتضيات المدونة.
فيما دعا عضو المجلس العلمي المحلي السيد عبد الله الطاهري، العلماء إلى الانخراط بقوة وبفاعلية في كل ما يفيد المجتمع، مشيرا إلى أن المجلس العلمي حريص على ربط الجسور بكل الغيورين على هذه الأمة والمشتغلين في تنمية قيم الخير والفضل فيها.
كما توقف ممثل وزارة العدل والحريات السيد عبد الهادي البطاح، عند التدابير التي اتخذتها الوزارة من أجل حسن تفعيل المدونة وتحقيق غايتها بما يتناغم وفلسفة المشرع، هذه التدابير التي تتمثل في تنظيم أيام دراسية وورشات تكوينية لفائدة قضاة الأسرة وبرمجة زيارات تفقدية لأقسام قضاء الأسرة للوقوف عن قرب على الصعوبات التي تحول دون التطبيق السليم للمدونة، وكذا إحداث مقر بفضاءات أقسام القضاء وتجهيزها بالوسائل المعلوماتية والمكتبية قصد تصريف القضايا الأسرية في شكل ملائم.
وقد تطرقت الجلسة الأولى للملتقى إلى محور "قراءة في مدونة الأسرة بعد عشر سنوات من التطبيق"، حيث أشار الأستاذ عبد الصمد الإدريسي، المحامي بهيأة مكناس، في مداخلته حول "مدونة الأسرة وإشكالات النص والتطبيق" إلى بعض الأمور التي تبرز الهوة بين نص وتطبيق المدونة، وركز على غياب الوعي لدى الزوجين بحيث يعتبرون اللجوء إلى القضاء بمثابة نقطة اللاعودة، مما يصعب من عملية الصلح، كما ناقش بعض الإشكالات التي مازالت تعتري صندوق التكافل العائلي والزواج المختلط وتوثيق عقود الزواج وتزويج القاصر.
من جهتها أكدت الأستاذة سعاد بن مسعود، قاضية بالمحكمة الابتدائية بمكناس، في مداخلتها "قراءة في مسطرة الصلح القانوني وواقع التطليق"، على أهمية الصلح في قضايا الطلاق والتطليق وكيفية تفعيله في قسم قضاء الأسرة.
كما تطرقت الجلسة الثانية إلى محور "الوساطة والإصلاح الأسري أية مقاربة في أفق المأسسة"، بعرض للأستاذ إدريس جويلل، أستاذ باحث بجامعة مكناس، والأستاذ محمد المكي، باحث دكتوراه بنفس الجامعة، حول الوساطة والإصلاح الأسري في التجارب المقارنة.
فيما تناول الأستاذ اليماني عبد الهادي، فاعل جمعوي، الإصلاح الأسري من مقاربة مدنية حيث تحدث عن الصلح بين ثقافة المجتمع ونصوص القانون.
هذا وقد عرفت هذه الجلسة عرض لتجارب ميدانية في الوساطة والإصلاح الأسري لكل من المجلس العلمي المحلي وقضاء الأسرة بمكناس بالإضافة إلى جمعية أم البنين للعناية بالأسرة بالرشيدية.
واختتمت أشغال الملتقى الثاني بورشات تشاورية لتجميع التوصيات والاقتراحات العملية لمقاربة قضايا وإشكالات مدونة الأسرة.